الدروس المستفادة من الهجرة النبوية

الدروس المستفادة من الهجرة النبوية

دروس من الهجرة

لا شك أن دروس الهجرة لا تُحصى ولا تُعَدُّ، ومن المستحيل أن نحيط بها كلها، ولكن أشير هنا إلى بعض تلك الدروس، عسى الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

أن ينفعنا بها:

أولاً: الأخذ بالأسباب

لقد بذل رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

وصاحبه أبو بكر الصّدّيق الدروس المستفادة من الهجرة النبوية T_20

كل ما في طاقتهما لإنجاح عملية الهجرة، وهذا هو الإعداد المطلوب من المؤمنين، أن يُعِدُّوا ما يستطيعون، وما فوق الاستطاعة ليس مطلوبًا منهم {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]. لكننا نلاحظ أن الخطة قد حدث فيها بعض الثغرات الخارجة عن حدود التخطيط البشري، فالمشركون قد وصلوا إلى بيت الرسول قبل الموعد الذي كان يظنه، ويرتب خطته على أساسه، والمطاردون وصلوا إلى باب غار ثور، وسراقة بن مالك استطاع أن يصل إلى النبي وصحبه، وبريدة الأسلمي وقومه وصلوا للرسول الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

.

ولكن الدرس هنا أنك إذا قمت بما عليك وأخذت بما تستطيع من أسباب، فإن الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

سيكمل لك ما يحدث من نقص خارج عن إرادتك؛ لذا أغشى الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

عيون المشركين أمام بيت الرسول فلم يروه وهو خارج، ولم يجعلهم يلقون نظرة واحدة داخل الغار حتى لا يروا حبيبه الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

وصاحبه، وأساخ أقدام فرس سراقة في الرمال وألقى الرعب في قلبه، وشرح صدور بريدة وقومه للإسلام فآمنوا وقد خرجوا مشركين فعادوا مسلمين.

ثانيًا: الاعتماد على الله

لم يعتمد الرسول الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

على الأسباب وترك رب الأسباب، حاشا لله، إنما كان يعلم أن الأسباب لا تأتي بنتائجها إلا إذا أراد الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

، ولذلك فبعد أن بذل أسبابه كاملة تحلَّى بيقين عظيم في أنَّ ما أراده الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

سيكون، ظهر ذلك في كلمته الرائعة: "مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا".

وظهر ذلك أيضًا في أنه لم يكن يكثر الالتفات في الطريق، فقد أدَّى ما عليه، وما أراد اللهُ الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

واقع لا محالة. وبدون هذا اليقين لا يمكن للدولة المسلمة أن تقوم.

ثالثًا: الأمل والثقة في النصر

لم يفقد رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

روح الأمل في أي لحظة من لحظات حياته، حتى في هذه الرحلة الخطرة، وهو يخرج من مكّة بهذه الطريقة، وهو مطلوب الرأس، لا يأمن على حياته ولا على حياة أصحابه، إذا به يبشر سراقة ليس فقط بظهور الإسلام على قريش أو على العرب، بل وبسقوط عرش كسرى تحت أقدام المسلمين، وأَخْذ كنوز كسرى غنيمة، "كَأَنِّي بِكَ يَا سُرَاقَةُ تَلْبَسُ سِوارَيْ كِسْرَى".

رابعًا: حرص رسول الله على الصحبة

رأينا حرص رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

في كل مراحل حياته، وفي كل خطوات دعوته على مسألة الصحبة، عاش حياته في مكّة بصحبة، وخرج إلى الطائف بصحبة، وقابل الوفود بصحبة، وعقد البيعة التي بنيت عليها دولة الإسلام بصحبة، وها هو يسأل جبريل الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U2_20

الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U2_20

عن صاحبه في الهجرة، كل هذا، وهو من هو، هو رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

، ولكن كل الناس يحتاج إلى صحبة، وهو يعلمنا أن نبحث دائمًا عن الصحبة الصالحة، لقد سطَّر رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

قاعدة إسلاميّة أصيلة: "الشَّيْطَانُ مِعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الاِثْنَيْنِ أَبْعَدُ".

وقد طبَّق رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

هذه القاعدة في حياته هو شخصيًّا، مع أن الشيطان ليس له سبيل مع رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

، ومنذ أن شقّ صدره وقد أخرج من قلبه حظ الشيطان، وأعانه الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

على الشيطان فأسلم فلا يأمره إلا بخير، ومع ذلك يحافظ على الصحبة، يعلمنا ويهدينا ويرشدنا الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

.

خامسًا: رسول الله.. القائد القدوة

وضح لنا في هذه الرحلة كيف أن القائد العظيم الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

كان يعيش معاناة شعبه، يهاجر كما يهاجرون، يُطارد كما يُطَاردون، يتعب كما يتعبون، يحزن كما يحزنون، يعيش معهم حياتهم بكل ما فيها من آلام وتضحيات، كان من الممكن أن ينقل الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

رسوله الكريم الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

من مكّة إلى المدينة بالبراق الذي نقله في لحظة من مكّة إلى بيت المقدس، ولكن أين القدوة في ذلك؟ وأين الأسوة؟ لا بد للمسلمين من طريق عملي لبناء الأمة، طريق في مقدور عموم المسلمين، ولا بد أن يسير في هذا الطريق رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

رغم كل المعاناة والتعب.

سادسًا: الدعوة في مكان وزمان

رأينا كيف أن الدعوة في دمّ رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

، لا يضيع فرصة، ولا يرتبط بظرف، يدعو كل من يستطيع، رأيناه كيف دعا إلى الإسلام بريدة وأصحابه من قبيلة أسلم ولم يكن همّه الرئيسي كيف يبحث عن وسيلة للهرب من بريدة، بل اعتبر أن الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

قد ساق له الرجل وقومه هدية وعطية ونعمة وأجر جزيل، وثواب لا يقدر، فكيف يضيع فرصة كهذه؟!

سابعًا: استعداد الصّدّيق للعمل لله تحت أي ظرف

رأينا في هذه الرحلة استعداد الصّدّيق الدروس المستفادة من الهجرة النبوية T_20

للعمل لله تحت أي ظرف، وفي كل زمان ومكان، القضية في منتهى الوضوح عند الصّدّيق، أهم شيء في حياة الصّدّيق الدروس المستفادة من الهجرة النبوية T_20

هو أن يرضي الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

ورسوله، ولا ينبغي أن يطلبه الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

في مكان فلا يجده، ولا ينبغي أن يريده الرسول الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

في عمل فلا يجده، ليس هناك في حياته مكان لكلمة (الظروف)، بل كان يعتذر لكل ظرف يطرأ على حياته بأن عنده ظرفًا أعظم، وهو العمل والبذل والتضحية والجهاد في سبيل الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

.

ثامنًا: حب الصّدّيق لرسول الله

رأينا كيف يحب الصّدّيق الدروس المستفادة من الهجرة النبوية T_20

رسول الله

، وكيف لا ينتظر أمرًا ولا طلبًا، إنما يجتهد في إتقان حبِّه لرسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

، يجهز له راحلة، يبكي من الفرح لصحبته، ينظف له الغار، يسير أمامه وخلفه حماية له، وغير ذلك من المواقف التي ذكرنا بعضها ولم نذكر أكثرها.

إنه يحب الرسول الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

بإخلاص، وحبّ الرسول الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

ليس من فضائل الأعمال بل هو من الواجبات، ومن قدم حبًّا على حب رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

فهو على خطر عظيم، روى البخاري ومسلم عن أنسٍ الدروس المستفادة من الهجرة النبوية T_20

قال: قال رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ". وفي رواية النسائي: "مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".

تاسعًا: بذل وعطاء الصّدّيق للدعوة

رأينا بذل الصّدّيق وعطاء الصّدّيق وإنفاق الصّدّيق الدروس المستفادة من الهجرة النبوية T_20

، يأخذ خمسة آلاف درهم، هي كل ما يمتلك لينفقها على دعوته، وقبلها أنفق خمسة وثلاثين ألف درهم في سبيل الله، وسيظل ينفق في المدينة، وسيظل ينفق وهو خليفة، وسيظل ينفق وهو على فراش الموت، لقد اشترى الجنة الدروس المستفادة من الهجرة النبوية T_20

، وحق لرجل له مثل هذه الصفة أن يرضيه الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

{وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرضى} [الليل: 17- 21].

عاشرًا: جهد الداعية مع أهل بيته وعشيرته

شاهدنا في قصة الهجرة أمرًا لا بد أن نقف معه وقفة، أرأيتم كيف استعمل الصّدّيق الدروس المستفادة من الهجرة النبوية T_20

عائلته كلها في سبيل الله؟ أرأيتم كيف استعمل عبد الله ابنه في نقل الأخبار؟ وكيف استعمل أسماء ابنته في نقل الطعام والشراب؟ وكيف استعمل عامر بن فهيرة مولاه في إخفاء آثار الأقدام؟

لقد نقل الصّدّيق الدروس المستفادة من الهجرة النبوية T_20

حبّه لهذه الدعوة إلى عائلته وأهله، بعض الدعاة -للأسف- يعانون من مرض العزلة عن عائلاتهم، تجد لهم نشاطًا عظيمًا في خارج بيته، ثم هم لا يُشركون أقرب الأقربين إليهم في العمل لله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

، لا يحرصون على أن يذيقوهم من حلاوة الإيمان التي أحسوا بها، هذا غياب كبير للفهم، وضياع هائل للأولويات، تعلموا من الصّدّيق، وتذكروا: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".

كان هذا هو الدرس العاشر من دروس الهجرة المباركة، فتلك عشرة كاملة. ولا شك أن دروس الهجرة أضعاف ذلك، ولكن لا يتسع المجال لمزيد من التفصيل.

نهاية مرحلة وبداية عهد جديد

بهذه الهجرة السعيدة الناجحة تمت مرحلة مهمة، بل مهمة جدًّا من مراحل السيرة النبويّة، تمت المرحلة المكيّة بكل أحداثها وآلامها ومشاكلها، إنها مرحلة ذات طابع خاص بل وخاصٍّ جدًّا، بدأ الإسلام فيها غريبًا، واستمر غريبًا إلى قرب نهايتها، إلى أن آمن الأنصار الدروس المستفادة من الهجرة النبوية Y_20

، ورضي الله عن المهاجرين، وعن صحابة رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

أجمعين.

كان الاهتمام الرئيسي لرسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

في هذه المرحلة أن يبني الجانب العقائديّ عند الصحابة، لا يؤمنون بإله غير الله، لا يتوجهون بعبادة لأحد سواه، لا يطيعون أحدًا يخالف أمره، يتوكلون عليه، ينيبون إليه، يخافون عذابه، يرجون رحمته، إيمان عميق برب العالمين، وإيمان برسوله الكريم الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

وبإخوانه من الأنبياء والمرسلين، واعتقاد جازم بأن هناك يومًا سيبعث فيه جميع الخلائق، سيقوم فيه الناس لرب العالمين يحاسبون على ما يعملون، لن يظلم في ذلك اليوم أحد، لن تغفل الذرة والقطمير، إنها والله إما الجنة أبدًا أو النار أبدًا.

وإلى جانب العقيدة الراسخة، فقد تعلم المؤمنون في هذه المرحلة الأخلاق الحميدة، والخصال الرفيعة، هُذِّبَت نفوسُهم، وسَمتْ أرواحهم، وارتفعوا عن قيم الأرض وأخلاق الأرض وطبائع الأرض، إلى قيم السماء وأخلاق السماء وطبائع السماء، لقد نزل الميزان الحق الذي يستطيع الناس به أن يقيِّموا أعمالهم بصورة صحيحة، وعرف المؤمنون في هذه المرحلة أن الطريق الطبيعيّ للجنة طريق شاقّ صعب، مليء بالابتلاءات والاختبارات، ما تنتهي من امتحان إلا وهناك امتحان آخر، تعب كلها الحياة، والله يراقب العباد في صبرهم ومصابرتهم وجهادهم، ولن يُستثنى أحد من الاختبار، ويُبتلى المرء على حسب دينه.

ومع كون المرحلة بكاملها كانت عبارة عن فقرات مختلفة من الإيذاء والتعذيب، سواء على الروح أو على الجسد، إلا أنها كانت لا تخلو من سعادة، بل كانت كل لحظاتها سعيدة، لكن ليست السعادة الماديّة الحسيّة التي يجدها الناس في طعام أو شراب أو شهوة، إنما سعادة الروح والقلب، سعادة الطاعة لله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

، سعادة الأنس بالله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

، سعادة الصحبة لرسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

، سعادة الصلاة ومناجاة الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

، سعادة الأخوة والألفة بين المؤمنين، سعادة الدعوة إلى الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية U1_20

، سعادة الثبات أمام كل فتن الدنيا؛ سواء في الجسد أو في الهجرة أو في أنواع الإغراءات بالمال أو بالنساء أو بالسلطة، سعادة عظيمة، وأيّ سعادة.

لقد كانت الفترة المكية بمنزلة الأساس المتين للصرح الإسلامي الهائل.

من المستحيل أن يجتاز المسلمون خطوات كبدر والأحزاب وخيبر وتبوك، دون المرور على فترة مكّة، من المستحيل أن تُبنى أمة صالحة، أو تنشأ دولة قوية، أو تخوض جهادًا ناجحًا، أو تثبت في قتال ضارٍ، أو تقف بصلابة أمام كل فتن الدنيا إلا بعد أن تعيش في فترة مكّة بكل أبعادها.

على الدعاة المخلصين أن يدرسوا هذه المرحلة بعمق، وعليهم أن يقفوا أمام كل حدث، وإن قصر وقته أو صغر حجمه وقوفًا طويلاً.

هنا البداية التي لا بد منها، بغير مكّة لن تكون هناك المدينة، وبغير المهاجرين لن يكون هناك أنصار، وبغير الإيمان والأخلاق والصبر على البلاء لن تكون هناك أمة ودولة وسيادة وتمكين.

كانت هذه هي فترة مكّة الجميلة، نعم الجميلة؛ لأنها تحكي قصة رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

، وما زالت لنا جولات مع فترة جميلة أيضًا من فترات حياة رسول الله الدروس المستفادة من الهجرة النبوية R_20

، تلك هي فترة المدينة المنوّرة.

» القيم الإسلامية في الهجرة النبوية